الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

المفكر المصري يوسف زيدان لـ"النهار": السيسي سيؤمن الاستقرار وسوريا لن تعود...

المصدر: "النهار"
القاهرة-محمد القزاز
A+ A-



في صفحة جديدة من تاريخ مصر، دشنتها بداية عهد المشير عبد الفتاح السيسي رئيساً للجمهورية، كثيرة هي القضايا الفكرية والسياسية التي تشغل بال المصريين والعالم العربي، سيّما مع ما تشهده ساحات عربية من سقوط امال الديموقراطية واستدعاء عصور الظلام والتعصب.


"النهار" حاورت المفكر المصري يوسف زيدان حول قضايا الساعة، مصرياً وعربياً.


سألنا زيدان عن رؤيته للفترة القادمة فى ظل حكم نظام عسكري آخر، وعن ولادة ناصرية جديدة؟ فأجاب: "صراحة، لا أعرف ما السبب فى طرح قضايا افتراضية، فى حين أن القضايا الواقعية شديدة الإلحاح، لدينا فى مصر مشكلات فعلية تتعلق بالأمن والانهيار الاقتصادي، نترك هذا، ونفترض ان هناك إعادة للناصرية، لا تشغلني الآن الناصرية وإعادة إحيائها، تشغل المجتمع قضايا فعلية، يجب أن نهتم بها... ".


-وكيف تقرأ الفترة المقبلة فى ظل حكم الرئيس السيسي؟ أجاب: "أتمنى أن تكون هادئة، وهي ستشهد استقرارا على المدى القصير، أما على المدى البعيد، فهناك أمور كثيرة يجب أن تتكاتف معا كي تضمن الاستقرار".


"العسكر والاخوان"


سألنا زيدان حول مقولة استحالة ان تفرز مصر تجربة سياسية جديدة تخرج عن ثنائية "العسكر والاخوان"، فرأى ان "هذا الكلام مستهلك جداً. والأمور فى الواقع السياسي لا تحسم بمثل هذه النظريات بين ما هو عسكر فى المطلق، وما هو إخوان. فمطلق كلمة العسكر، يراد بها الحكم البوليسي، الذي لا يسمح برأي آخر، ويأخذ المجتمعات الى القهر السياسي. وهذا لا يرتبط بالضرورة بأي شخص ذي خلفية عسكرية ".


واعتبر زيدان انه لا يجوز ربط حكم العسكر بأشخاص محددين، كما "لا يمكن تحديد ملامح فكرية لشخص والقول إنه إخواني، إذ لا يوجد تعريف واضح للشخص الإخواني...،فالاخوان يطرحون مثل " الإسلام هو الحل" من دون تحديد المشكلة التى سوف يحلها الإسلام، إذ ان الحل هنا في المطلق، أو يرفعون شعارات تُغازل مشاعر الجماهير كـالعبارة التى انتشرت فى أيام حكم الإخوان وتقول بالعامية المصرية "على القدس رايحين، شهداء بالملايين" وهي عبارة سخيفة، فلا هم فهموا ما هي القدس، ولا برروا لماذا يريدون الشهادة، ولا يريدون النصر مثلا، لكن العوام والجهلة يرددون خلف كهنة الإخوان هذه الشعارات دون تدبر لمعانيها".


ووفق زيدان، اذا كان المقصود بثنائية "العسكر والاخوان"، الثنائية بين حكم مركزية الدولة، وحكم التمركز حول النص الديني، فـ"تلك طبيعة المنطقة، إسرائيل قامت على أساس ديني، كثير من الحكومات العربية ترفع رايات ذات صبغة دينية، فملك المغرب يُلقب نفسه بـأمير المؤمنين، بصرف النظر عما يفعله للإسلام، الإخوة في الخليج لديهم مذهب شبه خاص بهم يعتزون به.


وهنا نلمح هذا المزيج، وليس التناقض شرطاً. وبالتالي طرح فكرة ثنائية الوطن بين العسكر والإخوان، هو كلام عمومي جدا ونظري، وغير واقعى".


الحركات الاسلامية والديموقراطية


في رد على سؤال حول اثبات التجربة المصرية فشل التوأمة بين الحركات الاسلامية والديموقراطية، قال زيدان انه "لا توجد توأمة بينهما، يوجد نزاع فطري طبيعي تلقائي لابد أن يحدث، سواءً وقع فى اليوم الأول، أو بعد مئة أو ألف يوم، فهو لا محالة واقع، لأن المعيار الذي يُقاس به فى النظم المدنية أو السياسية عموماً، يختلف تماماً عن المعايير التي يقيس عليها الشخص المنتمي لجماعة دينية، فهما مختلفان من حيث الطبيعة".


زيدان الذي يجد التيار الإسلامي مريعا ومفزعا، رأى ان من صنعه هم " أصحاب المصالح والجهلة والاندفاع الثوري، وهناك أسباب كثيرة لتدفق هذه التيارات فى المجتمعات التي تتخلخل، ولكن حين يكون هناك ضبط اجتماعي عام، هنا لن تجد مثل هذه التيارات متنفسا".


أجيال الانتحاريين


-فى ظل مواجهة الدولة مع "الإخوان المسلمين"، هل يتخوف زيدان من أجيال من الانتحاريين؟ أجاب: "هناك فرق، إذا كان النظام السياسي استبداديا ولجأ إلى حلول التصفية الجسدية، فهذا ينذر بأن كل شخص يُقتل سوف يكون نقطة دم تروي شجرة عنف فى الفترة التالية، أما إذا كانت الأحكام قضائية ومدنية فهنا الحال يختلف، لأن المحكوم عليه بالإعدام تيسر له أن يدافع عن نفسه وقُدمت دلائل عليه... ويقتضي أن تكون الأحكام عادلة، أما أن نقول أن أجيالا من الانتحاريين سوف تغرق مصر فهذه مبالغة. فالخطاب الإخواني نفسه انهار، واكتشف الناس زيفه، نعم قد يوجد بعض مظاهر أو ظواهر أو حالات عنف، ولكنها سوف تتناقص تدريجيا، والحال فى مصر لا تنبىء أبدا أن البلاد تسير إلى الهاوية الانتحارية هذه، لكن ذلك سيحدث فى سوريا وليبيا لأن الوضع محتدم".


 
مواجهات ثقافية


ورأى زيدان ان ما يحدث في ساحات كمصر وليبيا وسوريا هو عبارة عن مواجهات ذات طبيعة ثقافية، بمعنى أنها تتعلق بطريقة التفكير، الذي يختلف ما بين الشخص المدني والليبرالي، والمنتمي لجماعة من جماعات الإسلام السياسي، فإذا أهملنا البعد الثقافى فى هذه النزاعات لن نصل إلى حل. من هنا اهمية وجود معالجة ثقافية، ولا بد أن تكون حاضرة فى أذهاننا ونحن نتعامل مع هذه الأنماط الفكرية.
وإلى ماذا سينتهي الوضع في سوريا؟ أجاب: "سوريا تسير على درب العراق، وهذا البلد الذي أحبه كثيرا، اتحسر عليه كثيرا، لأنني لا أظن للأسف أن سوريا ستعود فى فترة حياتنا".


المرأة في الديانات الثلاث


-فى روايتك "ظل الأفعى"، تحدثت عن المرأة في الإسلام، فهل عانت المرأة أيضا فى المسيحية واليهودية؟ أجاب: "بدأت معاناة المرأة أصلا مع اليهودية، وهي التي نقبت النساء، باعتبارها مشكلة لا يمكن الاستغناء عنها، بهذا الشكل هي كائن نجس، ضعيف، قابل للاستعمال إذا كانت المرأة جميلة فلا بأس، فيُستعمل جمالها من أجل صالح الجماعة، بصرف النظر عن طبيعة هذه الجماعة، وصارت المرأة في المطلق شيئا للاستعمال الحسي، وفي الوقت عينه، لم تستطع اليهودية أن تتخلص من آثار الحضارات القديمة التي كانت حضارات أمومية، فجعلت النسبة لليهودية بالأم، فمن كانت أمه يهودية صار يهوديا وإلا فلا، إذن الفكر نتاج أزمة، فهو فكر مأزوم، لأن التوراة عندما كُتبت عام 500 قبل الميلاد، كان ذلك زمنا صعبا بالنسبة لليهود، وكان أحبارهم يحاولون أن يثبتوا الذات اليهودية بهذه القصص التوراتية، وعندما كُتب التلمود البابلي والتلمود الأورشليمي، كانت حال اليهود صعبة، امتدت لعدة قرون كتب فيها هذا الكتاب الأساسي، الذى تم تطويره والإضافة إليه، والتراكم الفقهي فيه حسب مقتضيات الواقع. واستمر هذا النهج، وامتدت هذه النظرة إلى المسيحية وإلى الإسلام على يد الفقهاء الذين كانوا يميلون إلى الأخذ بهذا الطرح الأسهل: إبعاد المرأة عن المشهد، واستبقاؤها فقط فى السرير لمتعة الرجل، وطيلة هذه الطريق كانت المرأة فى معظم الأحيان تضطر إلى تصدير أو إعادة تصدير الصورة المرادة منها كي تضمن العيش فى سلام، فى إطار المجتمع الذكوري، ففي المجتمعات الغربية أصبحت هذه المشكلة ، مشكلة النظرة إلى المرأة منحصرة فى الرؤى النظرية والكتب القديمة، لكن لن تصطدم بها فى الواقع، أما المجتمعات العربية فلا تزال تعاني من هذا الإشكال ولم تجد له حلا بعد".


الملاحقة المستمرة


منذ عام 1997 وزيدان ملاحق بتهم تتعلق بازدراء الاديان السماوية في كتاباته، فهل ستنتهي الملاحقة أم ستستمر؟ علق مختصراً: "ستنتهي يوما بانتهاء الحياة".


وعن جديده، تحدث زيدان عن كتابته حاليا رواية اسمها " نور" وهي الرواية الثالثة فى ثلاثية "محال"،" جوانتنامو"، "نور"، وتتمحور حول الهم الإنساني المعاصر فى الـ 20 سنة الأخيرة".


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم