الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

أوباما يستمتع بالمناقشة... لكنها غابت

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-

أجبتُ المسؤول المهم نفسه في مركز أبحاث واشنطني عريق عن أسئلته المتعلقة بموقف إيران من "الإتفاق النووي" سواء كان وُقِّع أم لا، في حال سيطرة الجمهوريين ديموقراطياً طبعاً على المؤسسات السياسية الدستورية في أميركا، قلتُ: ربما إذا وصل هؤلاء إلى السلطة فإن اتفاقاً مع إيران النووية لن يتم التوصل إليه إذا لم يكن تمّ ذلك قبلاً. لكن في اعتقادي أن أميركا الجمهورية ستحترم اتفاقاً مع إيران ولو كان مُوقِّعه رئيساً ديموقراطياً. فللدول الكبرى مثل أميركا مصالح حيوية واستراتيجية لا تتغير بتغير الإدارات التي تحكمها. ثم من قال ان أميركا تهتم بحقوق الإنسان إلى حد التضحية بمصالحها المشار إليها من أجلها؟ هل توقف أميركا "اتفاقاً" حول الملف النووي الإيراني بسبب "إنتهاك" حقوق الإنسان في إيران؟ طبعاً لا. أميركا في رأيي لم تعد من زمان تعمل لتغيير النظام الإسلامي الإيراني. وإيران لا تريد ومن زمان حرباً مباشرة مع أميركا (عسكرياً) إلا إذا وجّهت لها هذه ضربة، وأوباما لا يريد التورّط العسكري مع إيران وغيرها إلا إذا اضطر. وهو يعمل كل ما في وسعه كي لا يضطر. وإيران لن تضرب إسرائيل مباشرة إلا إذا بادرتها هذه بضربة عسكرية. فلماذا إذاً الخوف الإسرائيلي المصطنع من صواريخ إيران؟ إيران قد لا تعترف يوماً بدولة إسرائيل وقد لا تصالحها. لكنها لن تبادر إلى مواجهتها عسكرياً. وهي تعرف في الوقت نفسه أن إسرائيل لن تضربها لأن الضربة لن تُحقِّق هدفها وهو القضاء على المشروع النووي الإيراني، ولأنها تحتاج إلى مساعدة أميركا لمواجهة آثار ما بعد الضربة، ولأن أميركا طلبت منها عدم توجيه ضربة إلى إيران. سأل: "هل القلق السعودي من إيران وأميركا جدّي أو مبالغ فيه"؟ أجبتُ أنه جدي رغم انطوائه على شيء من المبالغة. ذلك أن أميركا لن تتخلى عن حليفتها السعودية وإن تفاهمت مع إيران لأنها تحتاج إليهما معاً في مواجهة إرهاب التيارات الإسلامية السنية المتطرفة التي لا تخضع لسياسة دولة أو نظام بعد إقفال حنفية الإرهاب الشيعي، ولأنها لا تستطيع معاداة سنّة العالم الإسلامي الذين يبلغ عددهم نحو 85 في المئة من مسلمي العالم. ثم تطرّق الحديث بعد ذلك إلى العراق وتونس وقضايا أخرى.
ماذا في جعبة باحث مهم في مركز أبحاث جدي ومعروف وعضو سابق في أكثر من فريق رسمي حاكم وصاحب خبرة واسعة بالشرق الأوسط وقضاياه المعقّدة؟
قال في بداية اللقاء: "الرئيس أوباما يحلِّل ولا يتخذ قراراً. إنه يحب المناقشة والمناظرة وأحياناً اختلاف الآراء في أثناء اجتماعاته بمستشاريه. كان في طاقمه في ولايته الأولى عضوان يناقشان. طرح أحدهما يوماً، في اجتماع كان يحضره السيناتور السابق جورج ميتشل المفوض من الرئيس أوباما العمل على تحقيق السلام في الشرق الأوسط وبداية بين إسرائيل والفلسطينيين، رأياً لم يقبله ميتشل. وحصلت مناقشة بين الإثنين استمرت قرابة 40 دقيقة. كان أوباما مستمتعاً بها. لكنه في النهاية قال: لنأخذ برأي ميتشل. لكننا سنبقى ننظر باعتبار وتقدير إلى الرأي الآخر، إذ ربما قد نحتاج إليه. العضوان المشار إليهما أعلاه خرجا من طاقم الرئيس. فصارت الحلقة المحيطة به أضيق. ولم تعد هناك مناقشات كما يفترض، وصار الوصول إلى الرئيس صعباً. هناك ثلاث سنوات إلا ربعاً باقية من ولاية أوباما. وهناك احتمال وإن ليس مؤكداً بعد أن يربح الجمهوريون الغالبية في مجلس الشيوخ في الانتخابات النصفية في الخريف المقبل. وساعتها قد يصبح بطة عرجاء (Lame Duck)". علّقتُ: قال لي مصدر موثوق في واشنطن ان وزير الخارجية جون كيري ذهب إلى الرئيس أوباما بعد تعيينه في منصبه عندما أراد بذل جهود جدية لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني واقترح عليه خطته وطلب دعمه التام. فكان جواب الرئس، وأنا هنا أنقل جوهر الموقف وليس الكلام الدقيق الذي قيل، أنا لا أريد أن أحرق أصابعي كأسلافي في هذا الموضوع. اذهب وقم بما تريد وابذل كل الجهود. إذا نجحت أو إذا وصلت إلى نتيجة مؤكدة النجاح تطلعني على التفاصيل وساعتها أقدم لك كل الدعم الذي تحتاج إليه. ما صحة ذلك؟ أجاب: "إنه صحيح في المطلق. لكن ربما فيه عبارات غير دقيقة. ما قاله له مستشاروه في حينه (أي أوباما): إذا فشل كيري فستحترق إدارتك نفسها. دعه يجرِّب ويحاول ولا تتدخَّل. أما شاك هيغل وزير الدفاع فانه مهتم بوزارته وشؤونها فقط".
علّقتُ: سمعت أن هيغل قرر بدوره أن لا يفاتح أوباما بقضايا كثيرة. بماذا أردّ؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم