السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

السلسلة: مؤشّرات عقلانية وتوقّعات معقولة

مروان اسكندر
مروان اسكندر
A+ A-

مداخلات بعض النواب، وتعليقات رؤساء جمعيات أساسية، توفر فرصة لمناقشات ذات أهمية ودلالات عملية.


لبنان يشكو منذ عشرات السنين من انشغال نوابه ووزرائه وأحياناً رؤسائه بالشؤون والمناكفات السياسية في حين أن الاهتمام بالشأن الاقتصادي والاجتماعي شبه معدوم والبرهان ان المخصصات للمشاريع البنيوية كانت شبه مفقودة مدى عشر سنين.
لقد قرأت في "النهار"، عدد 16/ 4/ 2014، مقالاً لرئيس جمعية الصناعيين نعمت فرام، شدد فيه على ان التحدي الرئيسي في لبنان هو زيادة فرص العمل، ورفع معدل النمو، لكن هذين الهدفين الرئيسيين لا يتحققان في رأي الكاتب ما لم تكن الاوضاع الامنية مستقرة، كما التشريعات الضريبية والممارسات واضحة، وتجهيزات البنية التحتية على مستوى متناسب مع حاجات الانتاج والنمو، وقضية الكهرباء على طريق الحل المقنع في وقت قريب، فضلاً عن بداية الاهتمام بامكانات تطوير مصادر المياه، وفي المناسبة ان سنة الشحّ هذه في المياه لم نشهد مثيلاً لها منذ عقود.
في مقابل تأكيد نعمت فرام أولوية استهداف توفير فرص العمل، يعتبر ان الزيادات المطلوبة لا بد من درس آثارها على التضخم وأسعار الصرف وتوقعات المستقبل، وان الاصلاح الاداري والتركيز على مشاريع الواعدة يمهدان للتعجيل في النمو، وتوسيع فرص العمل. كذلك يرى، اضافة الى مشاريع الكهرباء الملحة، ان عملية تلزيم البحث والتنقيب عن النفط بحسب شروط شفافة، ووضع اسس لاستعمالات عائدات النفط والغاز (التي لن تتوافر في رأينا قبل سبع سنوات من تاريخ اعطاء التراخيص) عبر صندوق سيادي، للمساهمة في اطفاء اعباء الدين العام، ومن ثم التركيز على الحاجات الاجتماعية، أمور ينبغي تحقيقها.
الرئيس السنيورة أقر بان الوزراء والنواب فشلوا في ترسيخ الاصلاح الاداري، علماً بأنه كان يفتخر وعن حق، بتوسيع استعمال الادمغة الالكترونية للاستحصال على سندات الملكيات العقارية، وتكريس المعلوماتية في معاملات الجمارك، وفي مجال البيوعات العقارية.
جميع الخطوات المشار اليها لم تكن كافية للاطمئنان الى المستقبل، وكثير من المحاولات، وان انطلقت بدفع ايجابي، سرعان ما تبخرت فوائدها، هذا في حال الشروع في الاصلاحات، كما حصل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وفي محاولة اختيار مجلس لادارة شؤون الكهرباء.
يبدو ان ثمة اصراراً من السياسيين على تكبيل مسيرة الانماء في لبنان، وعلى تحويل حماسة الشباب الى استشعار الفشل على مستوى الوطن. هنالك امكانات واسعة لدفع النمو قدماً، وتوسيع فرص العمل، وتمويل المشاريع الهادفة، وان احتاج الى الاقتراض اذ يؤدي الى منافع متمثلة بالمردود الاقتصادي والاجتماعي على تنفيذ المشاريع.


اولاً: يجب الاسراع في تنفيذ مشروع استيراد الغاز المسيل، وانجاز معامل تحويله الى غاز طبيعي في دير عمار وان امكن الزهراني، والمنطقتان انجزت في كل منهما محطات لانتاج الكهرباء بطاقة 450 ميغاوات، يمكن ان تشغل بالغاز أو المازوت الاعلى كلفة والاكثر تلويثاً للبيئة.
ويجري العمل في دير عمار على انجاز محطة جديدة بطاقة 490 ميغاوات، ينص عقد انجازها على ان تكون قيد الاستخدام خلال 27 شهراً، ولنفترض المدة 30 شهراً. في المقابل، منشآت استقبال الغاز السائل لا تحتاج الى اكثر من 18 شهراً، وعندها نبدأ بتوفير مليار دولار سنوياً، ونحد من التلوث، كما ان تمديد خطوط توفير الغاز الى مصانع الاسمنت، ومصنع انتاج الكهرباء الجديد، تدفع الوفر الى أكثر من 1,7 مليار دولار سنوياً.
ثانياً: تحفيز البلديات على انجاز المشاريع المفيدة بدءاً ببلدية بيروت التي تحوز 1,1 مليار دولار، ولديها مشاريع معلقة على موافقة المحافظ بالوكالة، والسؤال لماذا يستمر هذا الوضع الشاذ منذ خمس سنوات، والمحافظ بالوكالة، محافظ بالاصالة في طرابلس التي تحتاج الى انتباهه الكلي وربما الى توضيح مناهجه في العمل والتعامل مع الموظفين والاجراء. لماذا تأخير تعيين محافظ جديد لبيروت؟ ان هذه الخطوة تدفع في اتجاه تحريك مشاريع بتكاليف ملحوظة تساهم في دفع النمو.
ثالثاً: اشراك القطاع الخاص فعلاً وادارياً في مشاريع الكهرباء واستيراد الغاز، والعمل على اشراكه في توسيع المصافي وترفيعها من أجل تحقيق وفورات على ميزان المدفوعات تزيد على 600 مليون دولار سنوياً.
رابعاً: مباشرة الاصلاح الاداري في القطاع العام بتقليص اعداد قوى الامن والجيش المفصولة لحماية ومرافقة المسؤولين ويبدو ان هذا العدد يزيد على 5000 عنصر تبلغ تكاليفهم على مستوى المعاشات والتأمينات الاجتماعية وتعويضات نهاية الخدمة أكثر من 120 مليار ليرة لبنانية أو 80 مليون دولار، ولا حاجة الى تسريح معظمهم بل تكليفهم مهمات ذات فائدة عامة كالمساهمة في تطوير حركة السير، وضبط المخالفات ومعاقبة المخالفين لأنظمة السير وخصوصاً في ما يتصل بالسرعة.
اذا تحولنا عن الغوغائية، وامتنعنا عن المبالغة ولا سيما في ما يختص بأرباح المصارف، فعلى سبيل المثال ارباح جميع المصارف في لبنان عام 2013 بلغت 1,5 مليار دولار في مقابل رؤوس أموال وأموال خاصة تزيد على 15 مليار دولار، فيكون العائد على مستوى 10 في المئة وهذا معدل ربحية معقول لأي عمل تجاري.
في المقابل، أعلن بنك الكويت الوطني نتائجه للاشهر الثلاثة المنصرمة حتى نهاية آذار من هذه السنة. موجودات البنك بلغت 125 مليار دولار أي ما يوازي لمصرف تجاري واحد 78 في المئة من مجموع ميزانيات المصارف اللبنانية، وارباح بنك الكويت الوطني خلال ثلاثة اشهر بلغت 700 مليون دولار مما يفيد ان ارباح المصرف قد تبلغ مدى سنة 2800 مليون دولار أي ضعفي أرباح جميع المصارف اللبنانية، وتالياً تضخيم ارباح المصارف أمر غير واقعي، كما ان تحميل المصارف أعباء اضافية سينعكس سلباً على الاقتصاد اللبناني وحتى على موارد الخزينة.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم