الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

العيد الكبير... والخيبة الكبرى

غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
A+ A-

أما وقد اصبحنا على أبواب الفصح، وبعدما احتفلنا بأحد الشعانين في بهجة كبيرة لأن الكنائس المسيحية أحيت الذكرى معاً، وانطلقت الزياحات من الرعايا لتلتقي في ساحة ساسين، فإن اعادة طرح المشكلة يصبح أكثر إلحاحاً، رغبة في بلوغ الوحدة الكاملة.
قرأت في "النهار" العام الماضي شرحاً مبسطاً قدّمه الراهب اليسوعي الأب زكي صادر عن الاختلاف في توقيت العيد ما بين التقويمين الغربي والشرقي، ولشدة بساطته، بدا (لي ولكثيرين) معبرا عن تفكير ضيق الأفق أسست له التراكمات عبر التاريخ. لكن الأفكار والمواقف والروزنامات التي تدفع الى الخيبة، استمرت بمرور الزمن، ورغم مستويات العلوم الرفيعة التي بلغها أهل اللاهوت، وأهل القانون، من بطاركة وكرادلة ومطارنة وكهنة ورهبان وراهبات وعلمانيين، الا ان احداً لم يجرؤ على مواجهة حقيقة المشكلة، بل يتهرب رجال الدين من الموضوع بالقول ان المشكلة ليست في توحيد عيد الفصح، بل في أمور عقائدية متى حلّت، يصبح توحيد الأعياد أمراً تلقائياً. لكني كمؤمن، لم أكتشف حتى اليوم الأمور الجوهرية التي يختلفون عليها. فعصمة البابا ليست من العقيدة، وانبثاق الروح القدس ليس أكثر من نظرية فلسفية لا تجد لها جواباً شافياً بعد ألفي سنة من اليوم، لأنها لن تصير أمراً محسوساً يمكن التأكد منه في المختبرات العلمية. الى أمور أخرى لا تزيد أهمية. وكل ما يحكى عنه لا يهم المؤمنين العاديين في شيء، بل هو ترف فكري ليس أكثر.
بالعودة الى الفصح، وقع الخلاف على جواز الاحتفال به قبل الفصح اليهودي أو بعده، وهي تواريخ بشرية لا علاقة لجوهر الدين بها. واذا صادف فصح الكاثوليك قبل فصح اليهود، وجب انتظار اكتمال القمر من جديد، فيحسب الأحد الأول بعد القمر البدر ليكون فيه الفصح الأرثوذكسي. اذاً يقودنا القمر كما المسلمين في صيامهم وافطارهم، وكما العرافين والبراجين الذين يرسمون لنا مستقبلنا وفق حركة الكواكب.
ترى هل يكون العيد بقيادة المسيح أم بالقمر واكتمال بدره، وهل حقاً جاء المسيح ليجعلنا نرتبط حكماً بالشريعة اليهودية أم ليحررنا من كل قيود ويدفعنا الى رؤية جديدة وعالم جديد متحرر من الشرائع البالية؟
واذا كان رجال الدين عكسوا خلافاتهم على السلطة، على الأعياد، فما ذنب المؤمنين الذين يتوقون الى كنيسة واحدة وجسد واحد وعيد واحد وصلاة أبانا موحدة؟ نصلي من أجل وحدة الكنائس في كانون الثاني من كل عام. تقليد اعتدناه وصار فولكلوراً اذ لم تلتق الارادات الحسنة والطيبة، والممتلئة من الروح، لتدفع في اتجاه الوحدة".
أمس فكرت في اللجوء الى العرافين لسؤالهم عن إمكان الاتفاق على عيد واحد ما دام المضمون واحداً، والمناسبة واحدة وربّها واحداً.


[email protected] / Twitter: @ghassanhajjar

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم