الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

سلسلة أم مصيبة؟

ميشيل تويني
ميشيل تويني
A+ A-

المطالبة بالحقوق وبالزيادات وبتحسين الأوضاع المعيشية ليست أمراً طارئاً او جديداً في لبنان او في أي بلد آخر. وغضب الناس ونزولهم الى الشارع طبيعي في الحياة المطلبية. وقد عرف لبنان حركة المطالبة بزيادات غلاء معيشة خصوصا في عهد الرئيس شارل حلو وفي عهود مختلفة مروراً بقانون الوزير الياس سابا الذي كاد ان يسبب انهياراً اقتصادياً كبيراً لولا سحبه، وصولاً الى أزمة الليرة اللبنانية مطلع التسعينات.


لكن المشكلة التي نشهدها اليوم عبر المطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب من جهة ورفضها من جهة أخرى، تضع الهيئات النقابية والعمال في مواجهة الهيئات الاقتصادية والمصارف، والمعلمين في مواجهة اداراتهم، وتجعل الدولة في مواجهة مع ناسها، والمواطنين في مواجهة مع النواب الذين انتدبوهم لتمثيلهم، وكذلك مع الاحزاب السياسية التي بدت غائبة ومغيبة أمام الحركة المطلبية النقابية، كأن اهتماماتها السياسية "الكبرى" تمنعها من متابعة شؤون الناس في حياتهم اليومية.
المزايدات لم تتوقف، والمؤسف ان غالبيتها سياسية وهي تسعى الى تعميق الخلاف وإذكاء المواجهة بدل الدفع الى حوار من اجل خطة اقتصادية معيشية متكاملة وعادلة. فالقطاعات الاقتصادية التي صمدت رغم كل الازمات والحروب والمضاربات الخارجية يجب الا تُدفع الى الوضع الاسوأ اليوم. والمطالبون بسلسلة الرتب والرواتب اصحاب حق لانهم من ابناء الطبقات الأقل غنى ويعانون الغلاء في ظل ثبات مداخيلهم، وتراجع قيمتها. والاسوأ هو وضع المتعاقدين والمياومين الذين لا يقبضون أجورهم في شكل منتظم ودوري، وما أكثرهم. في المقابل هناك قطاعات لم تعد موجودة بينما يقبض موظفوها رواتبهم من دون خدمات مقابلة، وموظفون تم "دحشهم" في الدوائر، وليس المطلوب صرفهم، بل اعادة توزيع الفائض منهم على بعض الادارات للعمل في أمكنة اخرى كما يحصل في الدول المتقدمة، ومنها فرنسا حيث برز خلال الانتخابات الرئاسية الاخيرة بين المواضيع المطروحة ملف تحويل عمال في مصلحة معينة الى قطاع آخر كي يعطوا مردوداً افضل فلا تدفع الدولة رواتبهم من دون مقابل. من جهة أخرى تبرز معالجة مشكلة الاهدار والفساد المتفشية في الإدارة اللبنانية منذ القدم وحلها يقدم مساهمة كبيرة في تمويل السلسلة، بدلاً من تحميل العبء للقطاعات الاكثر حاجة.
مشروع السلسلة وفق الهيئات النقابية، لا يمكن ان يقر كما هو، لأنه فعلاً قد يقودنا الى المجهول، خصوصاً في ظل عدم الاستقرار الأمني السياسي الاقتصادي الذي يعيشه لبنان منذ العام 2004، وكل هذا أثر سلباً في الاوضاع المعيشية للناس. واما مشاريع الحلول وزيادة الموارد، فتبقى حبراً على ورق ولا تعبر عن رؤية ومسؤولية. القول إن السلسلة مصيبة غير مصيب، لكن المصيبة الحقيقية تكمن في كيفية إدارة المسؤولين شؤون البلاد.


michelle.tué[email protected] / Twitter:@michelletueini

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم