الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

ضرورة انتهاز فرصة التهدئة الراهنة...

علي حماده
A+ A-

بالرغم من مرور اسبوعين على دخول البلاد في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا يزال رئيس مجلس النواب نبيه بري محجما عن دعوة المجلس الى الانعقاد لانتخاب الرئيس الجديد. وعوض ذلك يبدو ان بري رمى على كاهل مجلس النواب حزمة كبيرة وثقيلة من القضايا المطلبية المزمنة في جلسات تشريعية كان يمكن تأخيرها بضعة اشهر اخرى، وهي القضايا التي مضت على بعضها عقود من الانتظار. وبدلا من التفرغ لانتخاب رئيس جديد للجمهورية تلافيا لدخول البلاد في مرحلة فراغ على مستوى الرئاسة، جرى اشعال البلاد بسلسلة الرتب والرواتب، وحقوق مياومي شركة كهرباء لبنان، ومتطوعي الدفاع المدني، وقانون الايجارات، وكل هذه دفعة واحدة، في الوقت الذي تعانيه خزينة الدولة عجزاً مخيفاً لا سابق له، وفي الوقت الذي يحقق الاقتصاد الوطني معدلات نمو متدنية غير مسبوقة. فالتهدئة الراهنة التي نتجت من استيلاد حكومة الرئيس تمام سلام، تعكس تقاطعا في مصالح داخلية وخارجية على حد سواء، مفادها ان الساحة اللبنانية يجب ان تبقى مضبوطة تحت سقف توتر منخفض. هذا لا يعني وجود حلول فعلية.
لماذا لا يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ما دامت كل الاطراف المعنية تصرح بان الاستحقاق الرئاسي اولوية، وان المناخات الجديدة في لبنان تجعل من انتخاب الرئيس الجديد امرا ممكنا اكثر من اي وقت مضى؟ ومن يدقق في مواقف جميع القوى السياسية الاساسية المعلنة يلاحظ ان الخطاب واحد حول ضرورة احترام الاستحقاق. إذاً لماذا اغراق البلاد بـ"نوبة" القضايا المطلبية التي تحتمل التأجيل؟
ثمة من يقول ان المطلوب الآن شراء الوقت. القوى الاساسية تحتاج الى وقت لبلورة موقف واضح عن شخص الرئيس العتيد ومواصفاته، والاجندة التي سيتم بموجبها اختياره. فمعظم المؤشرات توحي ان الرئيس المقبل سيكون نتاجا لـ"تسوية" داخلية - اقليمية. وهذا ما يدفع برئيس مجلس النواب الذي يعمل بوضوح في اطار تكتيك فريقه السياسي محجما عن الدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية قبل ان يتم التفاهم على رئيس جديد! وبناء على هذا المعطى فإن الاتفاق المسبق على اختيار الرئيس هو شرط دعوة مجلس النواب الى الانعقاد كهيئة ناخبة لانتخاب الرئيس الجديد.
في مطلق الاحوال، ليس سرا ان التهدئة الراهنة موقتة، ومرتبطة بتقاطع مصالح داخلية -خارجية في هذه المرحلة، ولكن الامر قد يتغير في اي وقت، فتتحول التهدئة الى شيء آخر مختلف تماما. من هنا اهمية البناء على هذه الحالة الموقتة، والاسراع في انضاج "طبخة" اختيار الرئيس الجديد، لان لبنان يحتاج دائماً الى التقاط فرص التهدئة متى حانت. لكن هذا لا يعني ابدا الاستسلام واعطاء مكاسب للطرف الخارج على الدولة في مرحلة تهدئة لم ينلها في مرحلة مواجهة. والبداية ان يحسم طرفا الصراع في لبنان امر تقديم مرشحيهما لرئاسة الجمهورية.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم