الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الحكومة والرئاسة في مهب الريح؟

علي حماده
A+ A-

في الاساس لم نكن من المؤيدين للجلوس مع "حزب الله" الى طاولة واحدة قبل ان تتحقق امور نرى انها بديهية. لكن سار من سار في خيار تشكيل حكومة غير حيادية، والجلوس الى جانب ممثلي "حزب الله" في حكومة واحدة قبل ان تتأمن كل الشروط التي شكلت على الدوام الحد الادنى المقبول للعودة الى حكومة سياسية مع الحزب.


في الاساس ايضا، ان الازمة المفتعلة حول رفض الجنرال ميشال عون المداورة امر سخيف، لان عون ليس جزءا من المشكلة العميقة للبلد. هو ليس بالاهمية التي يراد تصويرها به لأهداف التلطي خلف مواقفه وتطيير إمكان تشكيل حكومة تقطع مع "الحكومة المسخ" الحالية برئاسة نجيب ميقاتي. ليس عون بالمشكلة. المشكلة "حزب الله" المتلطي خلف عون ومطالبه الشخصية والعائلية في التشكيل الحكومي. ومن خلال الازمة المفتعلة يتم تطيير الحكومة التي يفترض ان ترى النور في المدى المنظور.
في هذه الاثناء يتلاشى رصيد الرئيسين ميشال سليمان وتمام سلام كون الوعود والمواقف المعلنة القوية في ما يتعلق بضرورة تشكيل الحكومة، ولا سيما مواقف الرئيس سليمان، وآخرها موقفه على هامش قداس عيد مار مارون الاحد الماضي، هذه المواقف لم يترجمها الرئيس الى افعال، ولا يبدو انه سيترجمها الى افعال في القريب، اذا قام بخطوة مفاجئة فرضت حكومة على الجميع، على ٨ و١٤ آذار على حد سواء. في مطلق الاحوال، لم يتغير شيء على المستوى الاقليمي، فالانفتاح الايراني لا يبدو كاملا، والتهدئة في لبنان لا تبدو جزءا من المفاوضات حول النووي الايراني. وتورط "حزب الله" في سوريا مستمر من دون انقطاع، فما الداعي لحكومة جديدة في لبنان، فيما يقال ان الايرانيين يعلّقون في ما يعلّقون الرئاسة اللبنانية بالرئاسة في سوريا؟ بمعنى انهم يرمون الى ادخال الاستحقاق الرئاسي في البازار الكبير حول سوريا: لا رئيس في لبنان ما لم يعد انتخاب بشار رئيسا في سوريا. انطلاقا من هنا هل يكون تطيير الحكومة بالحجج الواهية التي نسمعها، تارة مطالب عون العائلية، وطورا فيتوات على اسماء وزراء من ١٤ آذار، مقدمة لتطيير الاستحقاق الرئاسي بحجة الخلاف الكبير على الحكومة؟
ثمة من يعتبر ان لـ"حزب الله" مصلحة في تشكيل الحكومة الجديدة. نحن من جهتنا ما زلنا نرى ان الحزب لا يريد حكومة، وانه في الاصل دفع دفعا لأسباب ايرانية داخلية للدخول في التهدئة وفتح نافذة موقتة في الجدار الحكومي، ثم عادت النافذة واغلقت مع انتهاء الجولة الاولى من جنيف ٢. اما الآن، فإن الحزب الذي بادر قبل بضعة اسابيع الى فتح النافذة بعد طول اغلاق، يعمد الى اغلاقها بمناورة عبر الحلفاء. إن خشيتنا لكبيرة ان يكون اغلاق النافذة الحكومية، مقدمة لإغلاق جميع نوافذ الاستحقاق الرئاسي في مرحلة شديدة التعقيد. ومن هنا يفترض في الرئيس ميشال سليمان اولا، والرئيس تمام سلام ثانيا ان يسارعا الى اعلان تشكيلتهما بمعزل عن رأي جميع الاطراف، ويقيننا ان موقفهما اقوى من مناورات "حزب الله" المباشرة او غير المباشرة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم