وفاة والدَين وطفليهما... "القاتل الصامت" يواصل حصد الأرواح في الأردن
بعد أقل من أسبوعين على وفاة 4 أطفال أشقاء إثر حريق شب في منزلهم بمنطقة ناعور في العاصمة الأردنية عمان، شهدت المملكة اليوم السبت فاجعة جديدة في محافظة جرش شمالاً، راح ضحيتها 4 أشخاص من عائلة واحدة اختناقا بغاز مدفأة.
وعادة ما تصف مديرية الأمن العام الأردنية المدافئ بـ"القاتل الصامت"، وتحذر من مخاطر سوء استخدامها، حيث تكثف المديرية من الجهد التوعوي للحد من وقوع حوادث، وتقدم الإرشادات للاستخدام الآمن للمدافئ بشتى أنواعها منذ بداية كل شتاء حتى نهايته، إلا أنها تواصل حصد الأرواح.
والعائلة التي لقيت حتفها في جرش مكونة من الأب والأم وطفليهما، والحادثة تعيد إلى الأذهان ما شهدته المحافظة ذاتها في مثل هذا الوقت من العام الماضي، عندما توفي أب و3 من بناته بينما أصيبت الأم وابنة أخرى، إثر استنشاقهم غازات منبعثة من مدفأة.
ووفق ما ذكر مصدر في مديرية الدفاع المدني لـ"النهار"، فإن أبرز النصائح والإرشادات، تتمثل بأهمية إجراء الصيانة الدورية اللازمة للمدافئ بشكل عام، وبالنسبة لمدافئ الغاز، يجب التأكد من عدم وجود "انثناءات أو تشققات" بالخرطوم الواصل بين الاسطوانة والمدفأة، والتأكد كذلك فيما يخص مدافئ الكهرباء من سلامة الأسلاك بحيث تكون غير تالفة أو معراة.
وفيما يخص مدافئ الكاز، شدد على ضرورة عدم القيام بتزويدها بالوقود وهي مشتعلة، إضافة إلى عدم وضع الأواني المملوءة بالماء عليها أو استخدامها للطهي أو تسخين الماء، لافتا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى سقوطها وتعريض المحيطين بها لخطر الإصابة بالحروق، كما يجب مراعاة أن تكون المدافئ بعيدة عن الأثاث لمسافة مناسبة، وعدم تمرير الأسلاك الكهربائية فوقها أو بالقرب منها وعدم اللجوء إلى تجفيف الملابس عليها.
ولم يغب عن بال المصدر الحديث عن مدافئ الحطب أو جفت الزيتون والتي يشيع استخدامها في أوساط الأسر الفقيرة لقلة تكاليفها مقارنة بغيرها، قائلا: هذا النوع من المدافئ قد يؤدي إلى احتمالية وقوع حوادث الاختناق بشكل كبير، نتيجة لطبيعة الوقود المستخدم كالحطب ومادة الجفت، حيث ينتج عن ذلك كميات كبيرة من الدخان وغازات أول وثاني أكسيد الكربون، ما يحتاج إلى تهوية المنزل بشكل جيد بين الحين والآخر، وإطفائها قبل النوم لضمان عدم التسبب بالاختناق".
كما دعا إلى ضرورة مراقبة الأطفال وعدم السماح لهم باللعب قرب المدافئ بمختلف أنواعها، محذرا في الوقت ذاته من تركها مشتعلة أثناء النوم، ذلك أن أي مادة كيماوية تحتاج في عملية احتراقها إلى الأوكسجين، وفي حال عدم وجود التهوية المناسبة في المنزل، يؤدي ذلك إلى نقص كمية الأوكسجين فيه، وتبدأ هذه المواد المشتعلة بإنتاج غاز أول أكسيد الكربون الذي له القدرة على الاتحاد مع (هيموجلوبين) الدم، ما يؤدي إلى تشبع الجسم بهذا الغاز، والذي يتسبب بضعف عام في عمل وظائف الجسم دون أن يشعر الشخص بذلك، ما يؤدي إلى ضيق في عملية التنفس والتسبب بالوفاة.

رقابة حكومية على المدافئ
من جهتها، قالت مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس المهندسة عبير الزهير، إنه وبالنسبة للمدافئ المستوردة، يتم الكشف على الإرساليات داخل الحرم الجمركي، ويتم تدقيق بطاقة البيان للمدفأة ومن ثم سحب عينات وتحويلها للفحص حسب المواصفات القياسية الأردنية المعتمدة وتعليمات الأجهزة التي تعمل باحتراق الوقود الغازي، وفي حال أظهرت نتائج الفحص مطابقتها يسمح بتداولها داخل السوق المحلي، أما في حال المخالفة فيتم إعادة تصدير الإرسالية.
وفيما يتعلق بالمنتجات المعروضة في الأسواق المحلية، أضافت الزهير لـ"النهار"، أنه يتم عمل جولات تفتيشية على المحلات وسحب عينات وإرسالها للفحص للتأكد من مطابقتها وفي حال المخالفة يتم مصادرتها، كما تتم زيارة المصانع المحلية وسحب عينات من إنتاجها للتأكد من مطابقة المنتجات.
ووفق الزهير، فإن "المؤسسة تراقب المنتجات التي يتم تنظيم بيان جمركي فيها عند استيرادها، وتجري الرّقابة على المصانع المحليّة، كما تعمل على التفتيش المستمرّ على الأسواق لمنع تداول المنتجات المخالفة، أمّا بخصوص طرق الإدخال غير القانونية فهي من اختصاص دائرة الجمارك- مديريّة مكافحة التّهريب".
استهتار ينتهي بمآس
والأمر من وجهة نظر الكاتب محمود الخطاطبة، "فيه بالدرجة الأولى نسبة عالية من الاستهتار من قبل البعض بالإرشادات والنصائح التي يقدمها المسؤولون والمختصون، ما يؤدي بالنتيجة إلى حدوث مآس بسبب الوفيات أو الإصابات".
و"تقوم الجهات المعنية تقوم بدورها التوعوي المطلوب"، وفق الخطاطبة الذي قال لـ"النهار"، إن ذلك لا يمنع من أن يكون هناك دور أوسع وأكبر تشارك فيه مؤسسات مجتمع مدني ضمن حملات وطنية قادرة على الوصول إلى مختلف فئات المجتمع، لا سيما في المناطق النائية.
وأضاف أن "الحل بكل الأحوال، هو أن تتعامل الأسر مع النصائح والإرشادات بجدية دون تهاون أو استهتار، خصوصا أن هناك مسؤولية مضاعفة على أرباب الأسر بإبعاد أي خطر محتمل عن أبنائهم أو أطفالهم بوصفهم المسؤولين عنهم، والأخذ بأسباب عدم تعريضهم لمخاطر قد تنتج عن سلوكيات خاطئة في التعامل مع المدافئ".
نبض